أينَ السيادةُ..؟

الخبرُ يردُّ منْ مجلسِ الوزراءِ اللبناني ونقلاً عنْ لسانِ وزيرِ الإعلامِ أنَّ بعثةَ صندوقِ النقدِ الدوليِّ طلبتْ منْ رئيسِ الجمهوريةِ،
“إقرارَ قانونٍ جديدٍ للسِّريةِ المصرفيةِ، أي رفعَ السِّريةِ المصرفيةِ بشكلٍ كاملٍ، وإقرارَ قانونِ إعادةِ هيكلةِ المصارفِ، وأنْ يكونَ الاتفاقُ هذهِ المرَّةَ مع صندوقِ النقدِ الدوليِّ قبلَ الصيفِ، وأنْ يكونَ جدِّياً”…
هذا الكلامُ يخرجُ منْ مؤسسةِ مجلسِ الوزراءِ الذي اجتمعَ في قصرِ بعبدا برئاسةِ رئيسِ الجمهوريةِ.
وعملياً نقولُ للناسِ: “أنَّ مجلسَ النوابِ هو ديكورٌ وكيفما أتَتهُ التعليماتُ والتوصياتُ عليهِ أنْ ينصاعَ”.
وللتذكيرِ فإنَّ العامَ الماضي شهدَ القانونُ تعديلاتٍ على السِّريةِ المصرفيةِ، ولم يُرضِ ذلكَ صندوقَ النقدِ الدوليِّ،
بلْ طلبَ أكثرَ وأنصاعَ النوابُ لضغطِ السفراءِ والكتبةِ والحاشيةِ ومجموعاتٍ اخرى.. واللهُ أعلمُ..
***
واليومَ يعودُ صندوقِ النقدِ للنغمةِ نفسها: نريدُ قوانينَ على ذوقنا وتشريعاتٍ على قياسنا تحتَ عنوانٍ:
“قوانينُ إصلاحيةٌ”.. فلماذا مجلسُ النوابِ إذاً..؟
ولماذا ننتخبُ نواباً طالما أنَّ القوانينَ ستأتي معلَّبةً تبعاً لإرادةِ صندوقِ النقدِ الدوليِّ حيناً، والاتحادِ الاوروبيِّ حيناً، والبنكِ الدوليِّ حيناً، وفرنسا حيناً آخرَ، ودولةً اخرى حيناً..
ولعلَّ السؤالَ أساساً ماذا بقيَ منْ السِّريةِ المصرفيةِ مع النظامِ العالميِّ الجديدِ طالما أنَّ كلَّ التحويلاتِ والحساباتِ تخضعُ لتدقيقِ المصارفِ المراسلةِ..
ولا يُمكنُ لأيِّ مصرفٍ أنْ يفتحَ حساباً إلاَّ بعدَ توقيعِ العميلِ مئةَ ورقةٍ حولَ أوضاعهِ وحساباتهِ وعقاراتهِ وغيرِ ذلكَ.
فلماذا إذاً نزعُ لبنانَ منْ ورقةِ جذبِ اموالٍ كانتْ في يومٍ منْ الايامِ جنَّةً استثمارية وماليةً لهُ؟
***
في أيِّ حالٍ يبدو أنَّ المكتوبَ بدأ يُقرأُ منْ عنوانهِ:
قافلةٌ تسيرُ وقطارٌ ذاهبٌ بإرادةٍ دوليةٍ وبأوامرَ صارمةٍ باتجاهاتٍ محدَّدةٍ، ومنْ قالَ،
فربَّما كلُّ الرفضِ القاطعِ اليومَ لأيِّ محاولةٍ لفرضِ السلامِ مع إسرائيل..
قد يتحوَّلُ في لحظةٍ، وفي زمنِ ترامب، إلى قرارٍ أمميٍّ صارمٍ لحسمِ وفرضِ هذا السلامِ..
ولا سيَّما أنهُ بدا واضحاً أنَّ مورغان أورتاغوس أبلغتْ إعلامياً وعنْ قصدِ النيَّةِ بفتحِ الحوارِ الديبلوماسيِّ بينَ لبنان وإسرائيل،
لكنْ حتى هذهِ اللحظةِ يتحجَّجُ المسؤولونَ اللبنانيونَ بأنهمْ لم يتبلغوا أيَّ شيءٍ فيما قد يكونُ قصدَ أورتاغوس جسَّ النبضِ إعلامياً.
***
وفي الانتظارِ قافلةُ التنفيذِ الماليِّ والاقتصاديِّ لمطالبِ صندوق النقدِ الدوليِّ..
تبدأُ مع تعيينِ حاكمٍ جديدٍ للمصرفِ المركزيِّ يقترحهُ وزيرُ المالِ بعدَ التوافقِ مع الرؤساءِ عليهِ..
وهنا يبدأُ العملُ الجدِّيُ لمعرفةِ أيِّ خطَّةٍ سيعتمدها العهدُ للمودعينَ وللمصارفِ..!